إيرادات النفط تعود الى دائرة الصراع بين سلطات شرق ليبيا وغربها

طرابلس – بنغازي: هددت سلطات شرق ليبيا بالعودة الى غلق الحقول والموانئ النفطية في ظل استمرار النزاع حول إيرادات صادراتها وفشل المجتمع الدولي في التوصل الى توافق حول الآلية التي اقترحتها واشنطن لتوزيع تلك الإيرادات على مختلف مناطق البلاد.
وقال رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب أسامة حماد في بيان، أول أمس السبت، إن المؤسسة الوطنية للنفط قامت مؤخرا بتمكين الحكومة المنتهية ولايتها (في إشارة الى حكومة الوحدة الوطنية) من الاستحواذ على ما قیمته 16 مليار دولار ليضاف الى ما أهدرته من أموال ومليارات بدون وجه حق، وفق تعبيره، وهو ما استلزم من حكومته اتخاذ الإجراءات التي يفرضها القانون للحفاظ على المال العام وصيانته.
ودعا حماد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الى ممارسة دورها الفعال دون انحياز وإيضاح كل ما تم اهداره من أموال الشعب الليبي دون مراعاة التوزيع العادل للثروات الليبية على كافة الاقاليم والمدن الليبية ،كما طالب جميع الجهات الرقابية والمحاسبية والقضائية ممثلة في مكتب النائب العام بممارسة عملها الضروري لمحاسبة كل من عبث بأرزاق الشعب الليبي، وتتبع الأموال المنهوبة والمهربة خارج البلاد، وبدء التحقيقات فورا في الجرائم التي اوضحتها تقارير ديوان المحاسبة وتفعيل جميع الدعاوى في مكاتب الرقابة الادارية وديوان المحاسبة، وفق نص البيان.
وعادت التجاذبات بين سلطتي طرابلس وبنغازي حول إيرادات النفط الى واجهة الأحداث في ليبيا بعد إعلان حماد عن الاستعداد للبدء في تنفيذ إجراءات تعيين حارس قضائي على تلك الايرادات لحماية المال العام وضمان توزيعه العادل وعدم نهبه، وفق تعبيره.
وجاء موقف حمّاد الذي يشرف على حقيبة التخطيط والمالية الى جانب رئاسة الحكومة التي تتخذ من بنغازي مقرا لها على إثر رفض دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف بنغازي، الخميس الماضي، الطعن المرفوع من المؤسسة الوطنية للنفط بغرض إلغاء قراره الحجز الإداري على إيرادات النفط وحسابات المؤسسة الوطنية للنفط.
وتم في يناير الماضي ووفقا للقانون رقم 152 لسنة 1970، إعلان الحجز الإداري من قبل وزارة التخطيط والمالية بالحكومة الليبية على إيرادات النفط الليبي لعام 2022 وما بعده، والتي تزيد عن 130 مليار دينار، حيث سيطال الحجز الإداري الأموال المتعلقة بباب التنمية فقط دون المساس ببند المرتبات والتي تصرف من الباب الاول في الميزانية العامة، كذلك الامر باستمرار الصرف على القطاعات الخدمية لحين استكمال الاجراءات اللازمة.
وقالت الحكومة المكلفة من مجلس النواب، والتي تبسط نفوذها على مناطق سيطرة الجيش الوطني في أقلمي برقة وفزان، إن القضاء أنصفها وأيد صحة الإجراءات التي اتخذها رئيسها بالحجز الإداري على أموال النفط بتاريخ 25 يناير الماضي، إذ إن القانون المتعلق بشأن الحجز الإداري يمكّن الحكومة ممثلة في وزير التخطيط والمالية «من إيقاف استنزاف المال العام بشكل غير مبرر الذي تمارسه حكومة الوحدة».
واعتبر حماد إن هذا «الحكم العادل أكد استقلال القضاء الليبي بعيدا عن التوجهات والانقسامات السياسية، وهو الملاذ الأخير لحماية الوطن والمواطن من الفساد المالي والإداري الذي تمارسه الحكومة المنتهية، ولا يمكن أن يشرعن أعمالها المستمرة في نهب أموال الشعب الليبي»، وتابع أن حكومته ستشرع فورا في تعيين حارس قضائي على الأموال حتى «تحمي المال العام من النهب الممنهج والمستمر»، مشيرا إلى أنها ستتخذ الإجراءات التي تضمن ممارسة الأجهزة الرقابية والقضائية لعملها في محاسبة كل من اعتدى على المال العام أو قصر في حفظه وصيانته أو سهل الاعتداء السافر على أرزاق الشعب الليبي ووفقا للقانون.
وفي الأثناء ، نادى فاعلون سياسيون بالعودة الى سياسة إغلاق الحقول والموانئ النفطية ، فقد طالب عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي، رئيس البرلمان عقيلة صالح باتخاذ قرار بإغلاق النفط وتوجيه رسالة للأمين العام للأمم المتحدة لعدم عرقلة تغيير الحكومة. مشيرا الى إن “على عقيلة اتخاذ قرار بإغلاق النفط وتوجيه رسالة للأمين العام للأمم المتحدة لعدم عرقلة تغيير الحكومة فهدفنا الانتخابات”، وفق تقديره.
وبحسب مراقبين محليين، فإن هناك خلافات واضحة حول توزيع ايرادات النفط بين سلطات طرابلس وسلطات المنطقة الشرقية ، لاسيما بعد فشل المجتمع الدولي في إيجاد آلية ناجعة لتوزيع الإيرادات بين مختلف مناطق البلاد.
وفي 13 يونيو الجاري ،صوت مجلس النواب الليبي بالإجماع لصالح مشروع قرار بشأن “عدم المساس بالثروات السيادية” وتشكيل لجنة لتعديل قوانين توزيع الثروة وإيرادات النفط في البلاد وذلك، غيما رأت بعض الأوساط السياسية أن القرار موجه أساسا ضد سياسات حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة.
وفي مايو الماضي، بلغت إيرادات النفط والغاز والمنتجات النفطية المحصلة بحسابات المؤسسة الوطنية للنفط بالمصرف الليبي الخارجي 2023، 1.661 مليار دولار أميركي، وبلغت إيرادات النفط الخام 1.572 مليار دولار أميركي، بينما بلغت مبيعات الغاز والمكثفات 29.146 مليون دولار أميركي، والمنتجات النفطية 59,862 مليون دولار أميركي، وإيرادات البتروكيماويات 615.8 ألف دولار أميركي.
وأبرز المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا وسفيرها ريتشارد نورلاند، إنه تحدث مع بن قدارة حول نزاهة مؤسسة النفط كمؤسسة تكنوقراطية وغير سياسية ،وأوضح أن اللقاء الذي جمع بينهما الأربعاء الماضي تطرق إلى مخططات المؤسسة الطموحة لرفع إنتاج النفط والغاز، متابعا: «لقد شعرنا بالتشجيع عندما علمنا بالجهود المبذولة من جانب المؤسسات الاقتصادية الليبية لزيادة الشفافية المالية لكي يستفيد كل الليبيين من نفط ليبيا».
وأجرى المبعوث والقائم الأعمال الأميركي لقاءات مع الأطراف في ليبيا خلال الساعات الأخيرة، آخرها لقاء عضوي المجلس الرئاسي موسى الكوني وعبد الله اللافي، حيث استمعا إلى رؤية المجلس الرئاسي حول سبل إدارة الموارد وتوزيعها بشكل عادل يضمن التنمية العادلة لكل الليبيين.