التنقل الذكي يغذي إقبال السيارات على البرمجيات مفتوحة المصدر

التنقل الذكي يغذي إقبال السيارات على البرمجيات مفتوحة المصدر

لندن: يتعلق مستقبل صناعة السيارات بالبرمجيات، وهي عبارة عن برنامج يعمل على شاشات اللمس في المركبة، ولكن أيضا وحدات التخزين ومعالجة البيانات والمعلومات وراء كل شيء من نظام إدارة البطارية إلى المصابيح الأمامية الأوتوماتيكية.

ويتخيل المسؤولون التنفيذيون في مجال السيارات عالما مدعوما بالبرمجيات حيث يتم إصلاح المركبة المسترجعة، مثلا، ببرنامج التصحيح عبر الهواء، وتدفع رسوم اشتراك لاستخدام المقاعد المدفأة، وتشتري التأمين من خلال نظام المعلومات والترفيه في السيارة.

كما أنهم يحلمون بمستقبل يقوم فيه مطوروهم ببناء ميزات رقمية مثل هذه باستخدام برامج التوصيل والتشغيل وأجهزة الكمبيوتر التي تقلل وقت التطوير وتخفض التكاليف.

وقبل أن يصبح هذا الحلم حقيقة، يحتاج ابتكار السيارات إلى إعادة تمهيد كيفية إنشاء البرامج حتى تكون ذات منفعة وفائدة فعّالة في المستقبل.

مات جونز: التنافس قد لا يشجع على بناء نظام مفتوح لتبادل البيانات
مات جونز: التنافس قد لا يشجع على بناء نظام مفتوح لتبادل البيانات

ويتفق قادة التكنولوجيا على مستوى العالم على أنهم بحاجة ماسة وعاجلة إلى معايير جديدة مفتوحة المصدر إذا كانوا سيطورون برامج متطورة بسرعة وبتكلفة زهيدة مثل أبل وغوغل.

واتخذت جنرال موتورز (جي.أم) مؤخرًا خطوة في هذا الاتجاه من خلال الانضمام إلى مؤسسة إيكليبس فاونديشن، وهو تحالف يعمل على تطوير معايير مفتوحة المصدر ورموز للمركبات المعرفة بالبرمجيات.

وقال فرانك غناسيا الرئيس التنفيذي للمهندس المعماري للمركبات المعرفة بالبرمجيات في جي.أم “يعد الانضمام إلى المؤسسة علامة فارقة في رحلتنا”.

وأضاف أنها “أيضًا دعوة إلى مصنّعي المعدات الأصلية الآخرين أو الموردين الآخرين، أو لاعبي السيارات للانضمام إلينا في المجتمع لبناء صناعة يمكننا فيها مشاركة البرامج لتحسين إنتاجيتنا الإجمالية مع الاستمرار في التمييز بين مركباتنا”.

وشركات بي.أم.دبليو ومرسيدس-بنز وتويوتا وفولكسفاغن أعضاء بالفعل في المؤسسة مثل مصنعي المكونات كشركات كونتيننتال وبوش وكيو.أن.إكس وبلاكبيري وزد.أف.

ويعد الاهتمام بما ستكون عليه أساليب التنقل مستقبلا جزءا من إستراتيجية تطوير الشركة للتقنيات الجديدة، فيما يستمر تطور القواعد وأذواق المستهلكين في دفع صناعة المركبات العالمية نحو المزيد من مراعاة البيئة والفعالية والتشغيل التلقائي.

ومع انضمامها إلى التحالف، تقدم جي.أم مساهمتها الأولى في مجتمع مطوري إيكليبس فاونديشن حيث اقترحت مواصفات جديدة تسمى “يو.بروتوكول” التي تحدد الاتصال بين قطعتين أو أكثر من البرامج بغض النظر عن أنظمة التشغيل والأجهزة التي يتم تشغيلها عليها.

وتقول منصة موتور تريند المتخصصة بالسيارات إن تصميم يو.بروتوكول تم وفقا لمعايير السيارات والإنترنت الحالية للسماح لوحدة التحكم في مجموعة نقل الحركة والهاتف المحمول والخادم المستند إلى السحابة بالتحدث مع نظام المعلومات والترفيه في المركبة.

وهذه القدرة موجودة بالفعل اليوم، ولكن خبراء موتور تريند يرون أنها غالبا ما تتطلب كتابة رمز مخصص لتوصيل الأنظمة غير القياسية.

وقالوا إنه إذا وافق الموردون وبائعو البرامج وشركات صناعة السيارات على استخدام يو.بروتوكول، فسيكون دمج هذه الأنظمة أسهل بكثير.

وستستخدم جي.أم يو.بروتوكول في منصتها البرمجية الجديدة يولتيفي التي ستظهر لأول مرة في 2024 بسيارات شيفروليه سيلفرادو وبلازير وإكيونوكس الكهربائية، والتي لن تحتوي على أبل بلاي كار وأندرويد أوتو.

◙ تويوتا كشفت في يناير 2021 عن خطة لبناء "المدينة المنسوجة" لا تستخدم فيها إلا المركبات ذاتية القيادة لتكون ساحة مثالية لاختبار تكنولوجيا القيادة الذاتية
◙ تويوتا كشفت في يناير 2021 عن خطة لبناء “المدينة المنسوجة” لا تستخدم فيها إلا المركبات ذاتية القيادة لتكون ساحة مثالية لاختبار تكنولوجيا القيادة الذاتية

ورغم ذلك، يعتمد نجاح يو.بروتوكول على ما إذا كان اللاعبون الآخرون في الصناعة يتبنونه وألا تقوم جي.أم فقط بإنشاء معيار عن طريق تسميته معيارا حتى ينجح وينشتر.

كما أن الأمر يتطلب إجماعا من أصحاب المصلحة الآخرين على أن المبادئ التوجيهية تستحق الاستخدام. وإذا لم يحدث ذلك، فسيكون يو.بروتوكول مجرد مواصفة ملكية أخرى لا تغير كيفية عمل الصناعة.

وتركت أخبار مارس الماضي التي تفيد بأن جي.أم ستتخلى عن أبل كار بلاي وأندرويد أوتو في سياراتها النظيفة المستقبلية الكثير من الناس في حيرة من أمرهم.

وتساءل الكثيرون عن الأسباب التي تجعل الشركة الأميركية تبتعد عن واحدة من أكثر الميزات المرغوبة في السيارة الجديدة، وكيف لها أن تطور برمجيات أفضل مما تقدمه أبل وغوغل اللتان كانتا سباقتين إلى تقنيات الحوسبة السحابية.

ويرى خبراء موتور تريند أن انضمام جي.أم إلى إيكليبس ليس إجابة مباشرة على هذه الأسئلة، ولا يتعلق فقط بتكنولوجيا المعلومات والترفيه، لكنه يعطي صورة أوضح عن إستراتيجية برامج الشركة.

وتراهن جي.أم على أن صناعة السيارات يمكن أن تتحد لتطوير مجموعة من اللبنات الأساسية لإنشاء البرامج وتوصيلها.

ومن خلال الأدوات التأسيسية القوية، ترى الشركة أن المهندسين والشركاء يمكنهم إنشاء تجارب تنافس تلك الموجودة في هاتف ذكي يعمل بنظام أبل أو أندرويد.

ومع أن مؤسسة إيكليبس هي بالكاد تحالف البرامج مفتوح المصدر الوحيد الذي يخدم صناعة السيارات حاليا، لكن ثمة مجموعات مثل أوتوسار وكوفيسا وسوافي لها أهداف مماثلة مثلها.

وخلال فعاليات تجربة المؤتمر العالمي (أس.أي.إي)، وهو أكبر حدث تنقل تقني تم تطويره بواسطة الصناعة، عقد في أبريل الماضي، عبر مسؤولون تنفيذيون عن إحباطهم من عدد تحالفات البرامج خلال حلقة نقاش بعنوان “الانتقال نحو مركبة محددة بالبرمجيات”.

واعتبر مات جونز المدير التنفيذي لاستراتيجية التكنولوجيا والبحوث والهندسة المتقدمة في فورد أن هذه التحالفات هي نموذج مصغر “لعدم قدرتنا على العمل معا”. وقال “كيف يفترض بنا أن يكون لدينا نظام بيئي مفتوح حيث لدينا تحالفات متنافسة؟”.

وكان ستيفن روبرت الرئيس العالمي لأبحاث السيارات والهندسة المتقدمة في ستيلانتيس أكثر تشاؤما. وقال “نحن لا نسمح أبدا لمعيار بالتغير والنمو”. وأضاف “من الأفضل إصلاح الأشياء والتوسع فيها بدلا من القفز”.

وتعكف شركة سيتروين الفرنسية منذ أكثر من عامين على تطوير مشروع متكامل لتيسير التنقل داخل المدن المزدحمة في المستقبل من خلال مركبات متعددة الهياكل وبتقنيات القيادة الآلية والدفع الكهربائي ضمن فكرة المصدر المفتوح.

وليس من المستغرب أن تقدم الشركة على طرح مفهوم للتنقل المستقل والمشترك، وهو تجسيد لرؤية ترى سيتروين أنها ستصبح حقيقة في غضون عقدين على أقرب تقدير، خاصة مع وجود خطط شبيهة أعلن عنها في السنوات الأخيرة بعض كبار المصنعين.

ويقول موقع لارغوس الفرنسي المتخصص في السيارات إن مفهوم سيتروين ليس مبتكرا في حد ذاته لأنه يعيد إلى الأذهان منصة تويوتا إي – باليت التي تم الكشف عنها العام الماضي.

وكانت تويوتا قد كشفت في يناير 2021 عن خطة لبناء “المدينة المنسوجة” لا تستخدم فيها إلا المركبات ذاتية القيادة لتكون ساحة مثالية لاختبار تكنولوجيا القيادة الذاتية والمكبات المتصلة بالإنترنت وغيرها من التقنيات الحديثة في هذا المجال.

ويرى مايك ميلينكوفيتش المدير التنفيذي لمؤسسة إيكليبس أن حجم العمل الذي يتعين القيام به يترك مساحة كبيرة لتحالفات متعددة.

وقال “نحن نعمل مع أقراننا في الصناعة مثل أوتوسار وكوفيسا. ونرى أن المركبة المعرّفة ببرمجيات إيكليبس جزء من النظام البيئي العام ومبادرات الصناعة.

وأضاف “نريد حقًا العمل بشكل جيد مع هذه المؤسسات الأخرى. ولا توجد منظمة واحدة ستعمل على دفع هذه الصناعة بأكملها إلى الأمام من تلقاء نفسها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *