“الحكومة المصغرة” تنغص تفاهمات الليبيين حول قانون الانتخابات

“الحكومة المصغرة” تنغص تفاهمات الليبيين حول قانون الانتخابات

منى المحروقي: اتفق أعضاء لجنة 6+6 الليبية على عدد من التفاهمات التي وصفت بـ”غير المسبوقة”، ما يعطي انطباعا بانفراجة وشيكة بشأن الانتخابات التي تعطل إجراؤها لسنوات بسبب خلافات حول قاعدتها الدستورية.

وتداولت وسائل إعلام محلية تسريبات بشأن تفاصيل الاتفاق. وبحسب تلك التسريبات فقد تجاوز أعضاء اللجنة الممثلين لكل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الخلافات حول ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين وهي العقدة الرئيسية التي كانت تحول دون التوصل إلى تفاهمات سابقا.

لكن اللافت للانتباه هو تضمين بند ينص على تشكيل حكومة مصغرة بالإضافة إلى أنباء عن الاتفاق على زيادة عدد أعضاء البرلمان من 200 حاليا إلى 300 عضو.

وفي حين رفض أعضاء من البرلمان، من المرجح أنهم موالون لقائد الجيش المشير خليفة حفتر، زيادة عدد النواب وطالبوا رئيس البرلمان عقيلة صالح بعدم التوقيع، من المتوقع أن يرفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة لحكومة جديدة، حيث سبق أن أكد مرارا أنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة.

وتحدثت أوساط إعلامية ليبية عن انزعاج المبعوث الأممي عبدالله باتيلي من تجاوز اللجنة لمهمتها المكلفة بها والمتمثلة في إعداد قاعدة دستورية للانتخابات، وأشارت إلى اعتذاره عن حضور مراسم التوقيع في مدينة بوزنيقة المغربية التي كان من المفترض إجراؤها الأحد، وهو ما يعني رفع الدعم الأممي عن الاتفاق.

وينظر البعض إلى فكرة الحكومة المصغرة كمناورة من قبل عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري للاستمرار في المماطلة والتأجيل لكن دون تحميل المجلسين للمسؤولية لاسيما بعد الضغوط التي تعرضا لها خلال الأشهر الماضية حيث ألمح باتيلي في أكثر من مرة إلى دورهما في التعطيل.

ووجه المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، رسالة تبدو كل الأطراف الليبية معنية بها مفادها رفضه لتشكيل حكومة جديدة.

وقال نورلاند “رسالتنا هي أنك ستحصل على الشرعية فقط من خلال الانتخابات”، محذرا “من جهود غير محددة لاستغلال الانقسامات الداخلية وإحباط جهود الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات”.

◙ اعتذار عبدالله باتيلي عن حضور مراسم التوقيع في مدينة بوزنيقة المغربية إشارة على رفع الدعم الأممي عن الاتفاق
◙ اعتذار عبدالله باتيلي عن حضور مراسم التوقيع في مدينة بوزنيقة المغربية إشارة على رفع الدعم الأممي عن الاتفاق

وجاءت تفاهمات بوزنيقة بالتزامن مع أنباء بشأن محادثات غير معلنة بين حفتر والدبيبة لتقاسم السلطة وتشكيل حكومة توافقية بينهما، وهو ما يعني تأجيل الانتخابات لسنوات.

وكان الدبيبة قد استبق هذه التفاهمات بإطلاق معركة عسكرية استخدم خلالها الطيران المسير ضد عصابات تهريب في الزاوية. وكان من بين الأهداف التي تم قصفها منزل لنائب في البرلمان. واعتبر مراقبون حينها أن تلك المعركة ليست سوى تهديد للبرلمان لثنيه عن قرار تشكيل حكومة مصغرة.

وليس من مصلحة الدبيبة إجراء الانتخابات حاليا، وتشير تحركاته مع حفتر إلى أنه يؤيد الإبقاء على الوضع الراهن رغم اشتغاله على شعبيته بشكل كبير خلال الفترة الماضية من خلال استرضاء الشارع بمنح وزيادات في الرواتب.

أما بالنسبة إلى حفتر فيبدو أنه كان ينتظر دعما مصريا لتفاهماته مع الدبيبة قبل أن يتفاجأ بقرارات لجنة 6+6، وهو ما يفسر الحملة الأمنية التي شنتها قواته على المصريين بترحيلهم وحرق سلعهم.

وباتت القاهرة تعول بشكل كبير على عقيلة صالح مقابل تهميش حفتر.

ومن المرجح أن تكون دول كبرى قد مارست ضغوطا على دول إقليمية مثل تركيا ومصر لتوجيه حلفائها نحو إجراء الانتخابات قبل نهاية السنة أو مطلع السنة القادمة على أقصى تقدير.

وفي حين تلتزم تركيا الصمت بشأن الانتخابات شددت مصر الأحد، على هامش لقاء بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الموريتاني محمد ولد الغزواني، على “ضرورة عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بالتزامن مع خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب، دون استثناء وفي مدى زمني محدد، تنفيذًا للمقررات الدولية ذات الصلة”.

وكشف مسؤول ليبي مطلع الاثنين عن وصول عقيلة صالح وخالد المشري إلى مدينة بوزنيقة المغربية للتوقيع بالأحرف الأولى على مخرجات اجتماعات لجنة 6+6 المشتركة بين المجلسين، بعد أن أنهت وضع القوانين التي ستُجرى عبرها الانتخابات المنتظرة.

وفي تصريح للأناضول قال المسؤول بديوان مجلس النواب الليبي، مفضلا عدم ذكر اسمه لكونه غير مخول له التحدث إلى وسائل الإعلام، إن صالح وصل إلى مدينة بوزنيقة، وذلك بعد وصول المشري في وقت سابق من يوم الاثنين.

وأشار إلى أن المبعوث الأممي إلى ليبيا لن يحضر مراسم التوقيع، التي كان من المفترض أن تتم الاثنين لكنها تأجلت، على مخرجات اجتماع اللجنة، فيما لم يصدر باتيلي أي إعلان في هذا الخصوص.

ونقلت وسائل إعلام محلية مساء الاثنين عن مصادر قولها إنه تم تأجيل الإعلان الرسمي عن القوانين في بوزنيقة إلى الثلاثاء بعد ضغوط لتعديل وإضافة بعض المواد.

وبعد مباحثات استمرت لنحو أسبوعين في مدينة بوزنيقة أعلن أعضاء بلجنة 6+6 التصويت على القوانين الانتخابية المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة ومجلسي النواب والشيوخ المقبلين بالإجماع.

وعن فحوى تلك المخرجات قال المسؤول الليبي “وصلتنا تعليمات بعدم الإفصاح عما تتضمنه القوانين لعدم إحداث ربكة كون البعض يحاول جاهدا إفشال التوقيع”.

ونقلت الأناضول عن مسؤول آخر قوله “إن اجتماعات اللجنة توصلت إلى تفاهمات غير مسبوقة في ملف الانتخابات بينها وأهمها مسألة ترشح مزدوجي الجنسية لرئاسة البلاد”.

والأحد أعلن 54 عضوا بمجلس الدولة و61 عضوا آخر بمجلس النواب وحزب “العدالة والبناء” في بيانات منفصلة رفضهم لمخرجات اللجنة.

ورغم ذلك قال المسؤول الليبي إن “التوقيع سيتم لا محالة وحضور رئيسيْ مجلسي النواب والأعلى للدولة ما هو إلا بروتوكول متبع. الأمر حسم بالنسبة إلى لجنة 6+6 كون التعديل الدستوري الثالث عشر يمنحها الصلاحيات في إنجاز القوانين دون أن تخضع لأي تعديل من قبل المجلسين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *