الملكية البريطانية التي احتضنتنا

الملكية البريطانية التي احتضنتنا

محمد الهوني
رئيس تحرير ليبيا 21

من مقر إقامة السفيرة البريطانية بتونس، تابعت السبت موكب تتويج الملك تشارلز الثالث ملكا للمملكة المتحدة في كنيسة ويستمنستر بالعاصمة لندن، ضمن أكبر احتفال رسمي تشهده البلاد منذ 70 عاما، وفي مراسم تتسم بالأبهة والفخامة ويعود تاريخها إلى ألف عام. كان الحفل رمزا للعراقة ولعظمة التاريخ وقوة الحضارة في بلد تتعدد فيه الأعراق والألوان والعقائد والملامح والثقافات دون أي تفرقة بين مواطنيه.

وصلت إلى لندن مع عائلتي في العام 1977، كانت المملكة تحتفل آنذاك باليوبيل الفضي للملكة إليزابيث الثانية التي جلست على العرش من 6 فبراير 1952 إلى 8 سبتمبر 2022 تاريخ وفاتها.

في لندن أسس والدي المغفور له بإذن الله تعالى الحاج أحمد الصالحين الهوني صحيفة “العرب” الدولية لتكون أول صحيفة عربية في المهجر.

اختار الحاج لنا أن نقيم في بلد احترم هويتنا وثقافتنا وأعطانا لمسته الثقافية الرائعة التي زادت من رحابة الأفق الإنساني لكل فرد منّا.

في لندن وجدنا جامعة للشعوب العربية من كفاءات علمية وثقافية ومن طلبة وعمال وفنانين وكتاب وصحافيين ورجال سياسة لاجئين، وقد كان الاندماج سهلا في مدرسة “العرب” التي التف حولها عرب من كافة الجنسيات تقريبا، ومن هناك حملنا الجنسية البريطانية التي منحتنا شرف الانتماء لدولة عظمى قادرة على حماية رعاياها في كل مكان، وفتحت لنا أبواب العالم بما فيه العواصم العربية.

كان الوالد، رحمة الله عليه، معجبا بالنظام الملكي وهو الذي كان واحدا من رجالات الملكية الدستورية في ليبيا في ظل حكم الملك الصالح إدريس رحمه الله. وقد تربت معنا تلك الرؤية وتلك النظرة للأنظمة الملكية التي تحترم شعوبها وتحترم القانون وتحافظ على مكاسب مجتمعاتها وعلى هويتها الوطنية بشرعية الولاء والوفاء لدورها كحاضنة لأبنائها، وهو ما نراه اليوم في المملكة المغربية الشريفة والمملكة الأردنية وهما دولتان راقيتان آمنتان محكومتان بروح الحكمة التي تميز قادتيهما، وقد أثبتت التجربة دائما أهمية أن يكون الحاكم راعيا لمواطنيه بثقافة الملك المعطاء الذي يشعر بمسؤولية الحفاظ على أمانة الحكم.

قد يرى البعض غير ما أراه، وأنا أحترم كل المواقف مهما تناقضت مع موقفي، لكنني أصرّ على موقفي بأن النظام الملكي يحافظ على التقاليد والاستمرارية وعلى العراقة ووحدة المجتمع، وهو ما تثبته الأيام من خلال التجارب التي نراها في منطقتنا والعالم. فحيثما هناك ممالك هناك دول مستقرة وشعوب مطمئنة إلى حاضرها وغدها ومتصالحة مع ماضيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *