توتر أمني على وقع اشتباكات في طرابلس وقصف في الزاوية
طرابلس – شهد الغرب الليبي مساء الأحد ليلة ساخنة من القتال العنيف والتحشيدات العسكرية بين ميليشيات موالية لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في العاصمة طرابلس وغارات بالطيران المسيّر في مدينة الزاوية، في ظل وضع أمني مضطرب للغاية.
وأفادت “بوابة الوسط” نقلا عن سكان من منطقة “رأس حسن” بأن الهدوء الحذر عاد إلى العاصمة الليبية، بعد سماع أصوات رماية، وانتشار آليات عسكرية في مناطق “رأس حسن”، و”الجرابة”، و”جزيرة الفرناج” ومدخل “عين زارة الشمالي”، واستنفار وتمركزات لقوات تابعة لجهاز “الردع”، وقوات “اللواء 444 قتال”.
ودارت الاشتباكات مساء الأحد واستمرت حتى الساعات الأولى من فجر الاثنين، بشكل مفاجئ في مناطق متفرقة من وسط طرابلس بين “جهاز قوة الردع” الذي يقوده عبدالرؤوف كارة و”اللواء 444 قتال” الذي يشرف عليه محمود حمزة، على خلفية اختطاف أحد قادة “اللواء 444” مصعب زريق وسط تحشيدات عسكرية من الجانبين.
وسُمعت على نطاق واسع أصوات الرماية والقذائف وتبادل إطلاق الرصاص، وشوهد انتشار مكثف للآليات العسكرية، كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، هلع المدنيين الذين حوصروا داخل منطقة الاشتباكات التي تعرضت لقصف عشوائي، وأطق المحاصرون نداءات استغاثة لجهاز الإسعاف والطوارئ لإجلائهم.
وأدت الاشتباكات إلى وقوع إصابات بين المدنيين، فيما ذكر مقتل أحد عناصر الردع ويدعى محمد عويطي.
وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ إصابة شخص داخل منزله بمنطقة الخمسة شوارع في عين زارة بشظية في اليد.
وذكر الجهاز، أن الاشتباكات أدت إلى إحدى سيارات الإسعاف التابعة لمكتب عين زارة بعيار ناري.
وكان الجهاز قد أعلن لكافة فروعه ومكاتبه بمدينة طرابلس وضواحيها رفع درجة الاستعداد القصوى، وذلك جراء تجدد الاشتباكات الي استخدمت فيها أسلحة متوسطة وثقيلة وسمع دويها على نطاق واسع من العاصمة.
وحمّل جهاز الإسعاف والطوارئ مسؤولية سلامة المدنيين للأطراف المتقاتلة وطالب تحكيم صوت العقل والابتعاد عن التجاذبات المسلحة.
وأعرب وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، عن أسفه لوقوع الاشتباكات واصفً ذلك بأنه راجع لانتشار السلاح خلال العشر سنوات الماضية.
وقال، في تسجيل مصور فجر اليوم الاثنين، إن ما حدث هو إشكالية بين أجهزة رسمية تابعة للدولة، وصدام وسط “جرابة” و”راس حسن”.
ويعكس هذا التوتر الأمني بطرابلس، حجم المعضلة التي تعانيها ليبيا، في ظل سيطرة الميليشيات المسلحة المدعومة من حكومة الدبيبة على مناحي الحياة في العاصمة طرابلس وباقي مدن الغرب.
ولم تحرز محاولات السلطات المحليّة والمجهودات الأممية والدولية تقدما يذكر في مجال إدماج هذه الميليشيات داخل المؤسسات الأمنية أو في تفكيك سلاحها، خاصّة بعدما اكتسبت نفوذا وقوّة منذ 2011.
وغير بعيد عن العاصمة طرابلس، تشهد مدينة الزاوية غرب ليبيا حالة من الاحتقان، عقب تعرّض عدد من المواقع داخلها إلى غارات جويّة، ضمن العملية العسكرية التي أطلقتها حكومة الدبيبة التي قالت إنها تستهدف أوكار التهريب وتجارة المخدرات.
وأغلقت ميليشيات مسلّحة الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة طرابلس ومدينة الزاوية، احتجاجا على القصف الجويّ الذي تتعرض له المدينة، والذي نتج عنه سقوط ضحايا وعدّة خسائر مادية، بحسب مصادر محليّة.
وقتل شخصان على الأقل وأصيب آخرون الأحد جراء غارات بطائرات مسيرة على أهداف في محيط مدينة الزاوية غرب ليبيا، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية ومسؤول منتخب في المدينة.
وذكرت قناة ليبيا الأحرار التلفزيونية مساء الأحد أن “ضربة جوية من قبل الطيران المسيّر استهدفت مواقع بميناء الماية قرب الزاوية للمرة الثانية خلال يومين”، وبثت مقطع فيديو لقارب تتصاعد منه ألسنة النيران والدخان الأسود.
وقال علي أبوزريبة النائب عن مدينة الزاوية الواقعة على بعد 45 كيلومترا غرب طرابلس في منشور على فيسبوك “أصيب أبن أخي محمد عدنان أبوزريبة نتيجة القصف بمنطقة الماية”، مشيرا إلى مقتل شخصين آخرين.
ويقع ميناء الماية على بعد نحو 10 كيلومترات من الزاوية، وهي مدينة تضم مصفاة نفط رئيسية.
ومساء الأحد انتشرت مقاطع فيديو للغارة، الثانية خلال يومين، على وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب صور القتلى والمصاب ابن شقيق النائب وهو يخضع للعلاج في المستشفى.
وكان النائب أبوزريبة قد أعلن الجمعة في تصريح تلفزيوني أن “غارة بطائرة مسيّرة” استهدفت منزله.
والخميس أعلنت وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها من الأمم المتحدة شنّ غارات جوية “ضد أوكار عصابات تهريب الوقود وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر في منطقة الساحل الغربي”.
ولم تؤكد الحكومة الضربات الأخيرة ولم تصدر حتى الآن تقارير مفصلة عن حصيلتها.
وتشهد ليبيا فوضى وانقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011.
وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا، واحدة مقرها طرابلس (غرب) يقودها عبدالحميد الدبيبة ومعترف بها من الأمم المتحدة، وأخرى مقرها في الشرق يقودها أسامة حماد ويدعمها مجلس النواب.