عودة الجدل حول توزيع الثروة في ليبيا

طرابلس: صوت مجلس النواب الليبي الاثنين بالإجماع لصالح مشروع قرار بشأن “عدم المساس بالثروات السيادية” وتشكيل لجنة لتعديل قوانين توزيع الثروة وإيرادات النفط في البلاد، وذلك وفق مخرجات جلسة المجلس بمدينة بنغازي (شرق)، حسب بيان لمتحدث المجلس عبدالله بليحق.
ويوجه القرار ضد دول تسعى للهيمنة على المقدرات النفطية لليبيا عبر دعم قوى سياسية في غرب البلاد وبالتحديد حكومة الوحدة الوطنية التي وقعت مذكرة تفاهم مع تركيا حول النفط والغاز السنة الماضية.
وقال بليحق إن “النواب ناقشوا بند التوزيع العادل للثروة وإيرادات النفط واستعمالها في مجالات التنمية ومنع استخدامها في الأغراض السياسية”. كما ناقشوا “وضع صياغة للتعديلات القانونية اللازمة، حيث تم التصويت بالأغلبية على أن توكل مهمة تشكيل اللجنة إلى هيئة رئاسة المجلس”، وفق البيان. ولم يذكر البيان عدد من صوّتوا لصالح القرار، مكتفيا بالقول إن التصويت كان “بإجماع الحاضرين”.
ووفق البيان، “تتكون اللجنة من المناصب السيادية المعنية من الجانبين (حكومتي شرق وغرب ليبيا) وخبراء مختصين ونواب عن لجنة المالية والطاقة ولجنة متابعة الأجهزة الرقابية، بواقع ثلاثة نواب عن كل لجنة مع مراعاة التمثيل الجغرافي”.
وبحسب بليحق، “تم التصويت بأغلبية النواب على مشروع قرار بشأن عدم المساس بالثروات السيادية”. وتمكنت ليبيا من تحقيق إيرادات نفطية بنهاية العام الماضي هي الأكبر منذ ستة أعوام، رغم الاضطرابات التي شهدها القطاع.
وقال مصرف ليبيا المركزي في يناير الماضي، إن “الإيرادات النفطية ارتفعت إلى 105.5 مليار دينار (22.01 مليار دولار) في عام 2022 من 103.4 مليار دينار (21.57 مليار دولار) في عام 2021”.
وخلال الجلسة، طالب رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب عيسى العريبي المجلس بإصدار قرار بوقف تصدير النفط حتى يجري التوزيع العادل للثروة، مشيرا إلى أنه يقصد بالتوزيع العادل كل مناطق ليبيا بالغرب والشرق والجنوب.
واتهم النائب عائلة الدبيبة، ومحافظ البنك المركزي الصديق الكبير بـ”التحكم في الثروات الليبية”، قائلا “على الأقل التلويح بهذا، فنحن نرى ثروتنا تحت يد عائلة واحدة وتحت يد مصرف ليبيا المركزي المتمثل في شخص الصديق الكبير، ونرى منح دول الجوار مبالغ مالية تتراوح بين 50 و70 مليون دولار.. نحن أولى بهذه المبالغ”، حسب حديثه خلال جلسة مجلس النواب، الاثنين.
وأضاف “لدي 20 حالة مصابة بالسرطان في بنغازي لم أستطع إيفادها إلى الخارج، بينما رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة يرسل الحالات كما يحلو له لأن المكتب الصحي المسؤول عن قرارات التحويل إلى الخارج مكانه في طرابلس.. لا يعقل أن يكون النفط في أرضي ولا أملك إرسال مواطنين من بلديتي إلى العلاج بالخارج”.
ورد النائب سالم قنان على العريبي قائلا إن “الرواتب تذهب إلى كل الليبيين، ولا يجب التلويح بإيقاف النفط”، وتابع “هذه بلادنا وهذا نفطنا لا نوقفه ولا نتهم فلانا وعلانا”.
والثلاثاء، التقى القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر في مكتبه بمقرّ القيادة العامة ببنغازي برئيس مجلس النواب المُستشار عقيلة صالح، ونائبيه الأول والثاني فوزي النويري ومصباح دومة، وذلك بحضور 90 نائبا عن المجلس.
والأربعاء، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند إن “زيادة عائدات النفط لليبيين هي مصلحة مشتركة للتوصل إلى اتفاق يضمن استخدام أموال الدولة بشفافية وإنصاف”.
وترعى الأمم المتحدة حوارا اقتصاديا بين الليبيين بهدف توحيد المؤسسات الاقتصادية المنقسمة وإيجاد خطة للتوزيع العادل لإيراد النفط الذي تعتمد عليه البلاد بشكل كلي في إنفاقها.
وفي إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي في السابع والعشرين من فبراير الماضي، قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باتيلي، إن “إدارة موارد البلاد تعد مصدر قلق كبير لجميع الليبيين”.
وأكد “ضرورة معالجة استخدام موارد ليبيا والحاجة إلى وضع آلية يمتلك زمامها الليبيون، بحيث تضمن إدارة عائدات النفط بطريقة شفافة وعادلة”.
وتعد مسألة التوزيع العادل لإيرادات النفط إحدى أهم الأزمات في ليبيا، حيث تتصارع حكومة عينها مجلس النواب مطلع العام الماضي مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، على السيطرة على إيرادات النفط التي جمدت بمصرف ليبيا الخارجي قبل أشهر.
ومنذ أشهر تحاول ليبيا إقناع شركات النفط الأجنبية بالعودة إلى استئناف عمليات التنقيب والإنتاج بعد تحسن الوضع الأمني، في مسعى إلى تحقيق الإيرادات التي ضيعتها العام الماضي بعد ارتفاع الأسعار بالأسواق العالمية بسبب حرب أوكرانيا.
ويراهن البلد الذي مزقته الحرب على الاستثمارات الخارجية لمساعدته على زيادة الإنتاج بسرعة لتحصيل المزيد من الإيرادات، التي فقدها منذ 2011 بعد أن تضررت هذه الصناعة، المصدر الأول للعملة الصعبة.