لماذا تلجأ الجزائر إلى إيطاليا لتطلق تعهدات بدعم تونس
الجزائر- تبحث الجزائر عن الظهور بمظهر من يسعى لدعم تونس، وتحرص على هذا الأمر ليس على المستوى الثنائي، ولكن في حضور دول أخرى مثل إيطاليا، في وقت يقول فيه مراقبون إن الجزائر تحاول أن تبدو في صورة الطرف المؤثر إقليميا، لكن لا نتائج إلى حد الآن لما تطلقه من وعود تجاه جارتها الشرقية.
وكشف سفير الجزائر في إيطاليا عبدالكريم طواهرية أن تعاونا وثيقا بين البلدين لمتابعة الوضع في تونس، في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها، وأن البلدين عازمان على مساعدتها للخروج من المأزق، خاصة وأنها تشكل امتدادا للاستقرار والأمن في المنطقة.
وأكد السفير الجزائري في روما أن بلاده “تعمل بشكل وثيق مع إيطاليا، بغرض الحفاظ على استقرار تونس”، في إشارة إلى تعاون البلدين من أجل مساعدتها على النهوض من الأزمة المركبة التي تتخبط فيها خلال السنوات الأخيرة.
وقال السفير الجزائري في تصريح لوكالة “نوفا” الإيطالية إن “البلدين ملتزمان تماما بمعالجة الوضع في تونس، الذي يهمنا، ونعمل عن كثب مع إيطاليا لمنع أيّ شكل من أشكال عدم الاستقرار في ذلك البلد.. هدفنا المشترك هو المساهمة في الحفاظ على الاستقرار في تونس”.
وتعود رغبة الجزائر في قيادة جهود دعم تونس بالاشتراك مع إيطاليا، التي تحركت لمنع تدهور أمني على حدودها الجنوبية، إلى إصرارها على أن تكون طرفا في أيّ قضية تتعلق بشمال أفريقيا والساحل.
ويثير هذا الموقف تساؤلات في تونس التي كانت تنتظر أن تبادر الجزائر إلى دعمها بشكل عاجل في ظل وضعها المالي المريح بدلا من هذه الحركة الالتفافية التي تجعل الجارة الشرقية تخسر الوقت وتتحمّل المزيد من الضغوط والأعباء.
لكن التونسيين، وخاصة من أنصار الرئيس سعيد، يتساءلون عن تأخر الدعم الذي وعد به الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في أكثر من مرة لاسيما بعد أن وضعت تونس نفسها في موقف حرج أمام المغرب باستقبال زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي في القمة اليابانية – الأفريقية “تيكاد 8” التي احتضنتها تونس شهر أغسطس الماضي.
وفيما تتحرك إيطاليا عبر واجهات متعددة لدعم تونس، إقليميا ودوليا، وكان آخر تدخل لها في مجموعة السبع، فإن الجزائر تكتفي بإطلاق التصريحات بدءا من الرئيس تبون وصولا إلى الوزراء والسفراء.
وبات الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس، مصدر قلق حقيقي لدول المنطقة، خاصة مع تراجع قدرات الحكومة بالوفاء بتوفير الحاجيات المحلية، وتعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لفتح قرض مالي، فضلا عن تحولها إلى وجهة للآلاف من المهاجرين السريين من دول الجنوب، مما يزيد من أعباء السلط في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
ويرى محللون وخبراء أن تأخير الدعم الموجه لتونس لن يكون في صالح المنطقة، فإنقاذ تونس ماليا خطوة مهمة وضمانة لمنع تدفق موجات جديدة للمهاجرين خاصة أن تونس ستجد نفسها مجبرة على الاختيار بين توظيف إمكانياتها الذاتية المحدودة في معالجة ملفات داخلية هامة أو إنفاقها في جهود التصدي لموجات اللاجئين نيابة عن أوروبا، وهي ستختار في النهاية الخيار الأول، وتجد أوروبا نفسها في مواجهة مع موجات كبيرة من اللاجئين لا أحد يتحرك لصدها.
وكان وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني قد ذكر في تصريحات إعلامية أنه “في لقاء روما مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، تحدثنا عن تونس، وأعتقد أن هناك تطابقا في وجهات النظر”.
وعبرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن دعمها لتونس في التعاطي مع ملف الهجرة السرية، تمهيدا لتبرير موقف حكومتها الراديكالي تجاه الظاهرة، بينما ألمح الرئيس الجزائري في تصريح له إلى “مؤامرة ” تتعرض لها تونس والمنطقة عموما عبر الموجة غير المسبوقة للمهاجرين السريين.
وكان تاياني قد حذر مما أسماه بـ”انسحاب أوروبا من تونس، مما سيؤدي إلى زيادة تدفقات الهجرة وتزايد النفوذ الروسي”، وهي رسالة حول المخاطر الجيوسياسية التي تؤرق أوروبا، من إمكانية لجوء موسكو إلى ملء الفراغ، واستغلال الوضع لإيجاد موطئ قدم جديد بمحاذاة القارة الأوروبية.
وأدلى الوزير الإيطالي بهذه التصريحات في جلسة استماع أمام اللجان المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ الإيطاليين، حول مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بحر هذا الأسبوع.
وقال “في بروكسل، تدخلت للتحذير مرة أخرى من المخاطر التي قد ينطوي عليها انسحاب محتمل لأوروبا من تونس”. وأضاف “خروج أوروبا من البلاد سيؤدي أولا وقبل كل شيء إلى زيادة تدفقات الهجرة، ولكن أيضا نمو النفوذ الروسي وزعزعة استقرار التوازن الاجتماعي والسياسي”.