ليبيا.. أوْلَادنَا أكبادُنَا!
المهدي يوسف كاجيجي
الحكاية رواها لي الأستاذ الدكتور خالد محمد نصر، عضو هيئة التدريس بكلية الزراعة،الجامعة الليبية، أثناء مروره بسيارته في واحد من شوارع العاصمة طرابلس، قذفه طفل بحجر، دمر الزجاج الأمامي، أوقف الدكتور سيارته، بينما هرب الطفل للاحتماء برجل كان يراقب المشهد، طرح الدكتور سؤال على الرجل: هل رأيت ماذا فعل الطفل؟ فرد الرجل بلامبالاة: شنو فيه، عيل ويلعب. وواصل بنبرة تفاخر قائلا: رد بالك تغلط هذا ولدي. فأجاب الدكتور: أنت بهذه الطريقة ستفسد أبنك يجب أن يشعر بخطئه.. وأن يعاقب عليه.
كل هذا الحوار كان.يجري أمام الطفل الذي كان ينظر لوالده بفخر وإعجاب شديدين. وعندما ذهب الدكتور لأقرب قسم شرطة، مقدما شكواه نصحه الضابط المسئول بالصلح خير. فزع الدكتور من سذاجة الحل وقام بشرح وجهة نظره بأن المشكل أخطر من أن تعالج بهذه السطحية وأن المطلوب تحقيقه هو أن يعي الطفل خطورة ما قام به وأن يتلقى العقاب الرادع على الأقل من أسرته، وإلا سيكون الحصاد المستقبلي كارثة، ستصيب مجتمع بكامله.
كوميديا ليبية
ذهب سعادة السفير سالم العجيلي، لزيارة قريب في منطقة شارع الزاوية، أوقف سيارته، فانبرى له شاب من عمر الأحفاد، ومن طريقة كلامه وثقل لسانه بدا وكأنه متعاطي لمخدر. خاطبه قائلا: أسمع يا شيباني أرفع ها “الشقفة” (ويقصد السيارة) من قدام حوشنا.
يقول العجيلي شعرت بالخوف وعدت للسيارة، وقمت بنقلها إلي مكان آخر، لحقني وطرح على سؤال: وين تسكن يا شيباني أجبت: فى الهضبة. فقال ارفع سيارتك خير لك من شارعنا، وإلا قسما بالله نعطيك “بونية” ترفعك أنت وسيارتك وتوصلك للهضبة. أتذكر يومها ضحكنا طويلا، واعتبرنا الحكاية نكته.
تراجيديا
ابن صهري طالب جامعي، ورياضي، في السادس والعشرين من شهر رمضان الماضي في ليلة القدر، وقبل أذان الإفطار بساعة، وفي منطقة بن عاشور، تلامس بسيارته مع سيارة أخرى، نزل ليرى ما حدث ودخل في مشادة كلامية تطورت إلى التشابك بالأيادي، وتطورت إلى قيام الشخص الآخر بإشهار سكين وطعن خصمه طعنات نافذة في البطن والساقين، ويبدو أن السكين كان شديد الحدة لدرجة أن المعتدى عليه لم يشعر بالإصابة، إلا بعد الصعود لسيارته عندما فوجئ بحالة نزيف حاد، فتم نقله إلى المستشفى حيث تم إجراء عملية جراحية، ولا يزال طريح الفراش بينما الشخص الاخر لا زال هاربا.
أَوْلَادنَا أكبادُنَا
للشاعر العربي حِطان بن المُعَلَّى شطر بيت من الشعر يقول: “أَوْلَادُنَا أكْبَادُنَا تمشي على الأرضِ” و السؤال المطروح الآن: ماذا حدث لنا؟ حتى أوصلنا هذه الأجيال المظلومة من أكبادنا إلى هذه الحالة المذرية من الانحدار الأخلاقي؟ أجيال تعسة فقدت النموذج القدوة. أنا أجزم بأن لديكم الكثير من الحكايات ذات النهايات الحزينة. ماذا لو تم تعديل السيناريو في القصة الأولى؟ حيث تكون ردة فعل الأب “كف رياحي” على وجه ابنه، وتعنيف شديد، وتقديم اعتذار أمام الابن للمجني عليه ودفع ابنه للاعتذار أيضا، ليعرف مدى حجم الخطاء الذي قام به .اعتقد بأن الكثير من النهايات لكثير من الحكايات ستتغير إلى الأفضل. وحفظ الله أولادنا أكبادنا من شرور أنفسنا.