ليبيا: تعددت المبادرات والهدف واحد

ليبيا: تعددت المبادرات والهدف واحد

طرابلس – ليبيا 21:  تعددت المبادرات السياسية في ليبيا بعد أن عصفت رياح الخلافات بين الفرقاء بمخرجات لجنة 6+6 المشتركة بين مجلسي النواب والدولة والتي أعلنت في السادس من يونيو الماضي من منتجع بوزنيقة المغربي عن اتفاق حول قاعدة قانونية ملزمة لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل مارس 2024.

ويشير المهتمون بالشأن الليبي الى أن تعدد المبادرات الذي تتميز به هذه المرحلة يصب في اتجاه ترحيل ملف الانتخابات الى ما بعد حل الملفات الإقليمية والدولية ومنها الحرب في السودان واوكرانيا، وذلك نظرا لتداخل المواقف الدولية وتناقض وجهات النظر بينها في ما يخص الملف الليبي منذ الإطاحة بالنظام السابق في العام 2011.

كما أن التجاذبات الخارجية زادت من عمق الخلافات بين الفرقاء المحليين ومن رغبات الإقصاء المتبادل بينهم بما جعل تنظيم انتخابات وضمان الاعتراف بنتاجها من التحديات الأساسية التي تواجهها الأزمة الليبية، خصوصا بعد أن أعربت قوى أجنبية صراحة عن رفضها لهذا المرشح أو ذاك، وهو ما كان له الدور الأساس في قطع الطريق أمام الجهود التي تم بذلها من أجل تنظيم انتخابات في ديسمبر 2021.

ورغم الخلافات الحادة بين مجلسي النواب والدولة حول عدد من الملفات المهمة كالتعيينات السيادية والمحكمة الدستورية، إلا أنهما إتفقا على خارطة طريق لتنظيم الانتخابات اعتمدها مجلس الدولة الثلاثاء الماضي، من خلال مشاورات جرب بين رئيسيهما عقيلة صالح وخالد المشري، وهي تنص على إجراء الانتخابات بعد 240 يوما من إقرار القوانين الانتخابية، وعلى تشكيل حكومة موحدة لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي، وكذلك على آلية اختيار رئيس الحكومة بين مجلسي النواب والدولة عن طريق حصوله على تزكيات

وفي انتظار أن يعتمد مجلس النواب خارطة الطريق الجديدة ، سيكون عليه حسم موقفه من مخرجات لجنة “6+6” وخاصة في صلة بالبنود الخلافية وتعديلها وتحويلها الى نهائية ونافذة شريطة أن تتلاءم مع مبادرته المشتركة مع مجلس الدولة.

ومن جانبه، اقترح عبد الله باتيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وضع خريطة طريق جديدة وواضحة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، حيث أبلغ مجلس الأمن بشأن اعتزامه جمع المؤسسات والفاعلين الليبيين الرئيسيين، أو ممثليهم الموثوق بهم، للتوصل عبر المفاوضات الشاملة والحلول الوسط إلى تسوية نهائية بشأن أكثر القضايا إثارة للخلاف وذلك استناداً إلى قرار مجلس الامن رقم 2656 لسنة 2022.

وأضاف باتيلي أنه سيكثف تواصله في الأسابيع المقبلة، مع المؤسسات الليبية الرئيسية بالإضافة إلى القيادات السياسية والأمنية تمهيدا لهذه المفاوضات ،وأنه يعوّل على تعاون جميع المؤسسات الليبية ذات الصلة والأطراف الفاعلة في العمل معا لإيجاد الحلول الوسط اللازمة لتسوية النقاط المختلف عليها سياسيا والتوصل إلى حل سياسي يمهد الطريق لانتخابات ناجحة، داعيا مجلسي الدولةوالنواب  إلى التعاون مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في معالجة الثغرات القانونية وأوجه القصور الفنية التي تم تحديدها وإجراء التعديلات الفنية اللازمة على مشروعي القانونين اللذين أعدّتهما لجنة (6+6) على نحو يجعلهما قابلين للتطبيق.

وأشار المبعوث الاممي الى تواصله خلال الأشهر القليلة الماضية مع كافة القيادات الليبية، السياسية والأمنية، ومع المؤسسات ذات الصلة، وممثلي المجتمع المدني والنساء والشباب، والأعيان والمجالس البلدية والأحزاب السياسية وغيرها من مكونات المجتمع الليبي لمناقشة كيفية إطلاق مسار يفضي إلى انتخابات ناجحة وشاملة وذات مصداقية في أقرب فرصة ممكنة، وفي ظل بيئة آمنة وعلى أساس تكافؤ الفرص، وحث المؤسسات والأطراف الرئيسية الليبية بالاتفاق على خريطة طريق لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن في جميع أنحاء البلد، على أساس دستوري وقانوني، من خلال الحوار والحلول الوسط والتفاعل البنّاء على نحو شفاف وشامل للجميع بهدف تحقيق أمور تشمل تشكيل حكومة ليبية موحّدة قادرة على ممارسة الحكم في جميع أنحاء البلد وتمثل الشعب الليبي بأكمله.

ويرجح المراقبون، أن تكون مبادرة باتيلي الجديدة امتدادا لمبادرته التي أعلن عنها في يناير الماضي، وتتمثل في إطلاق مبادرة تهدف إلى التمكين من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال العام الجاري وإنشاء لجنة تسيير رفيعة المستوى للانتخابات في ليبيا ستعم على الجمع بين مختلف الأطراف الليبية المعنية بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية وأبرز الشخصيات السياسية وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلون عن النساء والشباب. وبالإضافة إلى اضطلاعها بتيسير اعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزم لإجراء الانتخابات في 2023، سوف تمنح اللجنة المقترحة منصة للدفع قدما بالتوافق حول الأمور ذات الصلة، مثل تأمين الانتخابات، واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين.

وفيما بات مؤكدا أن تنظيم انتخابات في العام الجاري صادر هدفا صعب المنال، باتت بعض الأوساط المحلية والإقليمية تتحدث عن إمكانية التوصل الى اتفاق حول تنظيم انتخابات برلمانية في يناير القادم وتأجيل الاستحقاق الرئاسي الى ربيع 2024.

وفيما يتجه الإتحاد الأفريقي الى تكريس مبادرته المبنية على فكرة المصالحة الوطنية أولا ،أطلق الملتقى الأول للقوى السياسية والمدنية، السبت الماضي، مبادرة بمقترح خارطة طريق جديدة، لإعادة إطلاق العملية السياسية، تتناول الخروج من حالة الانسداد السياسي الحالي، وإعادة إطلاق العملية السياسية، في حين تركز على تقديم ضمانات لأطراف الصراع من خلال الاتفاق على إطار توافقي لتنظيم الانتخابات وتجديد شرعية المؤسسات.

وتطرح المبادرة “الحل من خلال التركيز على إيجاد حلول لست قضايا رئيسية، وهي إدارة وتوزيع الموارد، والحكم المحلي، والمؤسسات الأمنية والعسكرية، والانتخابات والدستور، وأخيرا التدخلات الأجنبية”.

ومع تعدد المبادرات، يبقى الهدف واحدا وهو التوصل الى تنظيم الإنتخابات بما يساعد على إيجاد سلطة ذات شرعية ثابتة وصلاحيات واسعة في كافة مناطق البلاد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *