نصر في أوكرانيا يكسر هيبة فاغنر والجيش الروسي معا
موسكو- انتصر مرتزقة مجموعة فاغنر على كتيبة أوكرانية بقيت تدافع عن بلدة سوليدار لأيام لكنه انتصار يكشف محدودية قدرات هذه القوات ويزيل هالة أحاطت بها على مدى سنوات بأنها قوة ضاربة تحدث الفرق عندما تتدخل.
وبعد أن واجه الجيش الروسي انتكاسات كبيرة في حربه في أوكرانيا، استدعت موسكو أعدادا متزايدة من مرتزقة المجموعة وزجت بهم في معارك المدن وهو الأمر الذي كشف بدوره أن الجيش الروسي يفتقد إلى التدريب والكفاءة القتالية أمام عدو كان يفترض أن ينتصر عليه خلال أيام.
وأشاد الجيش الروسي الجمعة بـ”شجاعة” مقاتلي مجموعة فاغنر المسلحة في الاشتباكات في سوليدار بشرق أوكرانيا، في اعتراف نادر الحدوث بهذه المجموعة المقاتلة الخاصة.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع الروسية، فإن عمليات السيطرة على سوليدار نفذتها “مجموعة مختلطة من القوات”، لكن “الهجوم المباشر في المناطق السكنية في سوليدار… كلل بالنجاح بفضل التحركات الشجاعة ونكران الذات الذي أظهره المتطوعون في الوحدات الهجومية من فاغنر”.
وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية “استُكمل مساء 12 يناير تحرير بلدة سوليدار”، مشيرة إلى أهمية السيطرة على هذه البلدة في إطار “مواصلة العمليات الهجومية الناجحة”.
وأثار صمود بلدة سوليدار كل هذا الوقت في مواجهة الجيش الروسي ومسلحي فاغنر تساؤلات بشأن الصورة المرسومة عن هذه المجموعة التي سعت في السابق لنفي ارتباطها بروسيا، لكن جاءت حرب أوكرانيا لتكشف عن أنها جهاز روسي وإن كان عناصره لا يعملون ضمن الجيش الروسي.
واهتزت صورة فاغنر بعد أن فشلت في هزْم الأوكرانيين أثناء قتال الشوارع الذي يفترض أن المجموعة تتقنه من خلال حرب العصابات التي تدرب المرتزقة عليها.
وقال مسؤولون بريطانيون إن مقاتلي مجموعة فاغنر الروسية ارتفع عددهم من 1000 إلى ما يقرب من 20 ألف مقاتل في أوكرانيا، في علامة على اعتماد روسيا المتزايد على المجموعة.
لكن ما يلاحظ أن هناك تحولا من الجودة إلى الكم في إستراتيجية فاغنر. ففي الماضي كان يعتقد أنها تجند العسكريين السابقين ذوي الخبرة الفائقة، بمن فيهم أفراد من الاستخبارات العسكرية الروسية والقوات الخاصة، ما جعل تدخلاتها حاسمة.
لكن الآن تستخدم فاغنر أعدادًا كبيرة من المساجين وذوي السوابق، ولم تجد الوقت لتدريبهم، وهي تزج بهم في المعارك وتغامر بهم.
وإذا كانت معركة سوليدار قد كشفت محدودية قدرات فاغنر، فإن المجموعة قد شهدت إخفاقات سابقة منها الإخفاق في ليبيا الذي ضاع في زحمة التفاصيل بعد هزيمة قوات المشير خليفة حفتر أمام المسيّرات والتكتيكات التركية. كما أن دور فاغنر في مالي لم ينجح إلى حد الآن في كبح العمليات المتصاعدة للمتشددين، الذين ازدادت جرأتهم بعد انسحاب فرنسا.
وبعيد الإعلان الروسي عن “النصر” في سوليدار أصدرت كييف نفيا أكدت فيه أن المعارك مستمرة.
وقال سيرغي تشيريفاتي المتحدث باسم الوحدات الشرقية للقوات المسلحة الأوكرانية إن “معارك طاحنة تتواصل في سوليدار”، مضيفا أن “القوات المسلحة الأوكرانية تسيطر على الوضع في ظروف صعبة” وفي مواجهة “أفضل وحدات فاغنر وقوات خاصة أخرى” روسية.
فاغنر تستخدم الآن أعدادًا كبيرة من المساجين وذوي السوابق، ولم تجد الوقت لتدريبهم، وهي تزج بهم في المعارك وتغامر بهم
واتّهم تشيريفاتي موسكو بـ”إحداث ضجة إعلامية” زائفة حول سيطرتها على هذه البلدة التي كانت تشتهر بمناجم الملح، بهدف “زعزعة ثقة الأوكرانيين بجيشهم”.
وشدّد على أن “انسحابات محدودة أو مناورات لا تعني أنه يجب اعتبار الأمر هزيمة كبيرة”.
وكانت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار أعلنت الجمعة على تلغرام أن “العدو دفع بكل قواته الرئيسية تقريبا باتجاه (منطقة) دونيتسك ويواصل هجوما مكثفا جدا”، معتبرة ذلك “مرحلة صعبة من الحرب”.
وذكر “معهد دراسة الحرب”، الذي يتّخذ من الولايات المتحدة مقرا، أن السيطرة على هذه البلدة الصغيرة “من غير المرجّح أن تعني تطويقا وشيكا لباخموت”.
وتسعى القوات الروسية منذ أشهر للسيطرة على هذه البلدة الواقعة على بعد 15 كيلومترا إلى جنوب غرب سوليدار.
وشدّد المعهد على أن “القوات الروسية لن تتمكن من بسط سيطرتها على خطوط المواصلات الأرضية الهامة” التي تربطها بالمدينة الكبرى في المنطقة.
وكان قائد مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين قد أكد صباح الأربعاء أن مقاتليه سيطروا على سوليدار قبل أن يتم نفي الخبر من كييف.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعد الخميس بتقديم “كل ما هو ضروري” لجيشه الذي يقاوم الهجمات الروسية في سوليدار وباخموت.