هل الدبيبة مستعد للتخلي عن طموحه الرئاسي لتسهيل إجراء انتخابات في ليبيا

هل الدبيبة مستعد للتخلي عن طموحه الرئاسي لتسهيل إجراء انتخابات في ليبيا

طرابلس – يحرص رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا عبدالحميد الدبيبة في كل إطلالة له على توجيه رسائل للداخل والخارج، مفادها رغبته في إنهاء المرحلة الانتقالية، واستعداده لتهيئة كل الظروف الممكنة لإنجاح الانتخابات، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل أن الدبيبة مستعد لإزالة أحد أهم العوائق أمام إجراء الاستحقاق، وهو ترشحه للرئاسة.

 وقد أدى ترشح رئيس حكومة الوحدة وعدد آخر من القيادات الليبية المثيرة للجدل إلى إلغاء الانتخابات التي كان من المفترض أن تجرى في ديسمبر من العام 2021، والتي جاءت نتائج توافق بين القوى الليبية في الملتقى السياسي الذي رعته الأمم المتحدة في تونس.

وسجلت حينها اعتراضات شديدة على تقدم رئيس حكومة الوحدة بترشحه، حيث إنه لم يقدم حينها ما يفيد بتوقفه عن العمل قبل ثلاثة أشهر من تاريخ الانتخابات، إضافة إلى امتلاكه جنسية أجنبية إلى جانب الليبية.

وبموجب المادة الثانية عشرة من قانون الانتخابات الرئاسية، الذي جوبه باعتراضات واسعة من عدد من الأطراف السياسية غرب ليبيا حينها، فإنه يشترط على أي عسكري أو مدني يترشح لمنصب الرئيس “التوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر”، وفي حال عدم انتخابه “يعود لسابق عمله”.

محمد المنفي: المجلس الرئاسي مستعد لمساعدة حكومة الوحدة
محمد المنفي: المجلس الرئاسي مستعد لمساعدة حكومة الوحدة

ويرى مراقبون ليبيون أن جميع المؤشرات توحي بتمسك الدبيبة بالترشح للمنصب الرئاسي وأن جل جهوده خلال الأشهر الماضية تنصب على تحقيق هذا الهدف المنشود، سواء لجهة حرصه على استرضاء القوى الفاعلة المتدخلة في المشهد الليبي وأساسا تركيا والولايات المتحدة، أو من خلال الحملة الانتخابية المبكرة التي بدأها في الداخل الليبي.

ويقول المراقبون إن الدبيبة مستعد حتى لتعطيل المسار الحالي الضاغط لإنجاز الاستحقاق الانتخابي، إذا ما استشعر إمكانية استبعاده، من خلال اللجنة ستة زائد ستة الموكلة إليها صياغة القواعد التي بموجبها ستجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة. 

ويلفت المراقبون إلى أن تصريحات الدبيبة المتكررة بشأن حرصه على تهيئة الظروف لإنجاح الاستحقاقات يقصد بها احتكار حكومته لعملية الإشراف اللوجستي والأمني على الانتخابات، وهي نقطة أخرى مثار اختلاف داخل ليبيا.

وجدد رئيس حكومة الوحدة مساء السبت تأكيده استمرار التزام حكومته بتهيئة الظروف المناسبة لـ”إنهاء المراحل الانتقالية” عبر إجراء انتخابات طال انتظارها، لمعالجة النزاع في البلد الغني بالنفط.

وجاء تأكيد الدبيبة في كلمة له، خلال اجتماع مجلس الوزراء الرابع لعام 2023 في مدينة مصراتة (غرب)، بحسب ما بثته منصة “حكومتنا” على فيسبوك. وقال الدبيبة “سنواصل التزامنا بخدمة الليبيين وتهيئة الظروف المناسبة لعقد الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية” المستمرة منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011.

وأضاف “المرحلة الحالية تتطلب مواصلة الجميع تمسكهم بخيار السلام والتداول السلمي للسلطة والتأسيس لوضع مستقر تقوى فيه فرص التنمية، التي تعزز فرص إنجاح الانتخابات وتحظى نتائجها بالقبول من جميع الأطراف“.

ووجّه الدعوة إلى “السلطة التشريعية لاستيعاب حقيقة أن الليبيين أصبحوا أكثر وعيا وقوة في مواجهة مشاريع التمديد (البقاء في السلطة) والالتفاف على إرادتهم.. وكل المسارات التي تؤدي إلى إنهاء المراحل الانتقالية بشكل سلمي متطابقة مع برنامج وسياسات حكومتنا“.

ولا يتوانى الدبيبة عن توجيه أصابع الاتهام لمجلس النواب وجزء من المجلس الأعلى للدولة يقوده رئيسه خالد المشري بتعطيل جهود إجراء الانتخابات، عبر افتعال قضايا خلافية، ويرى متابعون أن اتهامات رئيس حكومة الوحدة تهدف بالأساس إلى التملص من أي مسؤولية له أمام المجتمع الدولي حيال استمرار المرحلة الانتقالية.

وخلال الاجتماع ذاته، والذي حضره للمرة الأولى، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إن مجلسه “مستعد لمساعدة الحكومة في جهودها لرفع المعاناة عن المواطنين“.

وبعد أن قدم الشكر لحكومة الوحدة رئيسا ووزراء لـ”تقديم الخدمات لليبيين في كل ربوع البلاد دون استثناء”، أضاف المنفي أن الحكومة “تستهدف خلق بيئة مستقرة تستطيع من خلالها الوصول إلى الانتخابات في القريب“.

وتتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان، إحداهما برئاسة فتحي باشاغا وكلّفها مجلس النواب بطبرق (شرق) مطلع العام الماضي، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة وهي حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.

ولحل تلك الأزمة، أطلقت الأمم المتحدة مبادرة لإجراء الانتخابات لكنها تعثرت، قبل أن يطلق مبعوثها عبدالله باتيلي في السابع والعشرين من فبراير الماضي، مبادرة جديدة تهدف إلى الوصول إلى انتخابات في العام 2023.

وأقر مجلس النواب في السابع من فبراير الماضي التعديل الـ13 للإعلان الدستوري (دستور مؤقت وضع بعد الإطاحة بنظام القذافي)، وصادق عليه المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) ليصبح “قاعدة دستورية” تُجرى عبرها الانتخابات. وضمن المسار الأخير، شكل المجلسان لجنة مشتركة “6+6” للتوافق على قوانين انتخابية عقدت أولى اجتماعاتها الأربعاء.

وتشهد الخارطة الليبية اصطفافات شبه حدية بين حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي من جهة، ومجلسي النواب والأعلى للدولة من جهة ثانية، ويخشى المجتمع الدولي من تفاقم حدة هذه الاصطفافات، الأمر الذي قد يقود إلى نسف مسار إنجاز الاستحقاقين التشريعي والرئاسي.

ويرى متابعون أن ما سيتمخض عن اللجنة 6+6 سيشكل المحدد لطبيعة المرحلة المقبلة، فإما أن تنجح هذه اللجنة في حسم النقاط الخلافية لاسيما تلك المتعلقة بمزدوجي الجنسية، وإما أن الكرة ستعود إلى مبادرة باتيلي الذي كشف عنها في إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي، وتصب تلك المبادرة في صالح تعزيز حظوظ الدبيبة وغيره من الشخصيات الجدلية للترشح للانتخابات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *