هل تنتظم انتخابات ليبيا قبل مارس القادم

تونس – الحبيب الاسود: يتابع الليبيون باهتمامات تطورات المسار الانتخابي في انتظار تصويت مجلس النواب على مخرجات لجنة 6+6 المتعلقة بالقوانين الانتخابية التي تم الإعلان عن التوصل إليها بالعاصمة المغربية الرباط في السادس من يونيو الماضي، واختلف الفرقاء بشأنها، ودعا المبعوث الأممي عبد الله باتيلي الى إعادة النظر في بعض بنودها.
وفي تصريحات لافتة، قال رئيس مجلس الدولة خالد المشري، أن مجلسي النواب والدولة سيصدران خارطة طريق إجراء الانتخابات الأسبوع المقبل، وأضاف أن نتلك الخارطة ستنبثق عنها حكومة جديدة وقوانين انتخابية، مشيرا إلى أن أقصى موعد لإجراء الانتخابات منتصف مارس القادم.
وجاءت تصريحات المشري لتعيد ملف الانتخابات الى واجهة الأحداث رغم إجماع أغلب المراقبين على أنه لم يعد بالإمكان الحديث عن استحقاقات انتخابية يمكن تنظيمها في العام الجاري 2023 وذلك لعدة أسباب من بينها الخلافات المعلنة حول مخرجات لجنة 6+6 وتراجع حماس المجتمع الدولي بسبب المستجدات الإقليمية وفي مقدمتها الوضع في السودان واستمرار الحرب في أوكرانيا وعجز الأفرقاء المحليين على التوصل الى توافقات جدية حول الملفات الرئيسية ومنها توحيد المؤسسة العسكرية وإجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة وتوفير ضمانات لتأمين الانتخابات وتحقيق الاعتراف بها من قبل جميع القوى الفاعلة على الأرض.
وأكدت أوساط ليبية مطلعة أن العواصم الغربية ومنها واشنطن، لم تعد متحمسة لتنظيم الانتخابات خلال العام الجاري، ولا لتشكيل حكومة مصغرة تبسط نفوذها على كامل مناطق البلاد وتشرف على تأمين الاستحقاق الرئاسي والبرلماني، كما أن أغلب الفاعلين الأساسيين في المنطقة الغربية يبدون متمسكين بالحكومة الحقيقية برئاسة عبد الحميد الدبيبة والتي نجحت في تشكيل تحالفات سياسية وميدانية مع أغلب القوى المؤثرة وخاصة في المدن الكبرى كالعاصمة طرابلس ومصراتة.
وتابعت الأوساط أن الخلافات الحقيقية سياسية بالدرجة الأولى وليست قانونية كما يعتقد البعض ، كما أن بعض الأطراف الدولية ، والغربية بالأساس، باتت تخشى تنظيم انتخابات في ليبيا قد تفرز نتائج لا تخدم مصالحها ومنها نجاح شخصيات ذات علاقات وطيدة أو تحالفات معلنة مع روسيا.
وفي هذا السياق، قال المبعوث الأميركي السابق إلى ليبيا جوناثان وينر، أنه «لا ينبغي لأحد أن يتوقع إجراء انتخابات برلمانية أو رئاسية في أي وقت قريب»، لافتا الى أن الاتفاق المعلن من قبل اللجنة المشتركة «6+6» لإعداد القوانين الانتخابية آخذ في الانهيار بسرعة ، لاسيما أن بين من انتقدوه الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، عبد الله باتيلي الذي طرح في احاطته الأخيرة امام مجلس الأمن عددا من نقاط الخلاف تتمركز حول من سيكون مؤهلا للترشح للرئاسة. والجولة الثانية الإلزامية للانتخابات الرئاسية بغض النظر عما إذا كان أي شخص سيحصل على أغلبية الأصوات في الجولة الأولى، إلى جانب قضية تأجيل الانتخابات النيابية إلى ما بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وإلغائها في حال فشل الجولة الأولى. والمطالبة بتشكيل حكومة مؤقتة جديدة قبل إجراء الانتخابات.
والأسبوع الماضي ، حذر باتيلي، من أن تؤدي القرارات المتسرعة إلى عودة البلاد إلى أجواء الحرب والصراعات الدموية ، واعتبر إن ليبيا وصلت إلى مرحلة حاسمة نحو المضي إلى طريق الانتخابات، مؤكدا أن انتهاء لجنة (6+6) من إعداد مشاريع قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تعد فرصة يجب ألا يتم تفويتها، على حد تعبيره.
وأبرز المحلل السياسي بشير الصويعي أن الهدوء على الأرض وخفوت أصوات البنادق وأزيز الرصاص منذ عامين تقريبا، لا يعني نهاية الخلافات السياسية الحادة والتجاذبات الإيديولوجية والمناطقية والقبلية والمصالح الحزبية والشخصية والصراع على السلطة وطموح البعض للبقاء فيها عبر تعطيل أي اتجاه نحو التداول السلمي عليها، وهو ما يحول دون التوصل الى توافق عملي على تنظيم انتخابات ديمقراطية يتعهد جميع الفرقاء بقبول نتائجها، مشيرا الى أن القوى السياسية المؤثرة والمتصارعة على الحكم لديها أجنحتها العسكرية التي تمثل خطرا على الأمن والاستقرار كما هو الحال بوجود الميلشيات المسلحة في أغلب مدن الساحل الغربي.
وقد دفع هذا الوضع بعضو مجلس الدولة الاستشاري أحمد لنقي الى المناداة بالعودة الى دستور 1951 والنظام الفيديرالي الذي كان معتمدا عند تأسيس الدولة الوطنية ، وهو ما يعني لدى نسبة مهمة من المحللين، توزيع السلطة والثروة على أكبر عدد ممكن من المتنافسين بحسب التوازنات الاجتماعية والسياسية في الأقاليم الثلاثة :طرابلس وبرقة وفزان.
ويبقى تنظيم انتخابات قبل مارس القادم، وفق ما أعلنه المشري، تحديا حقيقيا أمام القوى المتداخلة في الملف الليبي، وذلك في سياق سؤال مهم ومحوري وهو: هل أن الانتخابات شرط لتحقيق الاستقرار السياسي أم أن الاستقرار السياسي شرط لتنظيم الانتخابات؟