قصة الليبي الذي كان وراء تأسيس الجيش السعودي
ليبيا 21 : كان الملك عبد العزيز قد سمع عن هذا الرجل وعرف أخباره وعندما عزم على إنشاء الجيش السعودي، فكر في شخصية عسكرية موثوقة تتولى الترتيب لتولي النواة الأولى للجيش الذي شكله بعد انضمام الحجاز إلى بقية المملكة.. وكان ذلك الجيش بسيطاً وقد وكل أمره إلى قائد يعرفه حق المعرفة هو صديقه سليمان شفيق باشا أحد الضباط الذين تولوا ولاية عسير في العهد العثماني وكان القائد سليمان شفيق باشا قد استبقاه الملك عبدالعزيز في الحجاز، وطالبه بتكوين الدفعة الأولى من الجيش السعودي غير أن الشيخوخة قد أدركت الجنرال وتقدمت به السن فتنحى عن العمل واعتذر من صديقه الملك عبدالعزيز عن المواصلة، فما كان من الملك عبدالعزيز إلا أن كتب إلى صديقه الزعيم السوري الوطني الرئيس شكري القوتلي قبل أن يتولى منصب الرئاسة يستشيره في أن يستقدم القائد طارق الإفريقي لأداء مهمة تأسيس رئاسة أركان الحرب في الجيش الذي يزمع إنشاءه، فأطراه شكري القوتلي، كما أشار إلى استقامة الرجل وشخصيته العسكرية البارزة وأشار إلى جهاده وخوضه غمار الحروب، وقدم ذلك القائد إلى المملكة، وتولى تدريب الألوية العسكرية وتسلم رئاسة أركان حرب الجيش.. فكان له أثره الذي لا ينسى في تاريخ تطور الجيش السعودي من حيث إعادة فتح المدارس العسكرية وسن النظم والرتب العسكرية وظل كذلك يخدم في تكوين هذا الجيش الذي شب وترعرع بفضل ذلك النفر من المحاربين القدماء وعلى رأسهم الملك عبدالعزيز، حتى أصبح هذا الجيش اليوم -بحمد الله- قوة نظامية ضاربة وأصبح قطاعات وشعباً وأسلحة مختلفة.. كلما تذكرناها ونظرنا إلى تفوقها، ترحمنا على المؤسس الأول الملك عبدالعزيز، وعلى كل من شارك وساهم في بناء هذا الجيش.. ذلك المؤسس العظيم الذي رأى بثاقب رأيه مجاراة تطور التسلح فلم يتردد ولم يتوان في غرسه حتى آتى ثماره بعد أن كان يعتمد في فجر حياته على جيش الجهاد المكون من الحاضرة والبادية، وظل ذلك الجيش يؤدي واجباته حتى سنة 1348هـ.
لقد بدأ الملك عبدالعزيز في تأسيس هذا الجيش بتشكيل عسكري بسيط ربطه بقائد الأمن العام عبدالعزيز بغدادي، ثم استقدم بعض الضباط من أقاليم عربية أخرى مثل العقيد محمد مراد الاختياري الذي وضع أسس التشكيلات العسكرية الإدارية.. كما استقدم نبيه العظمة من سوريا فاستمر في إدخال التحسينات الممكنة في قطاعات الجيش يساعده القائد الشهيد فوزي القاوقجي تم كل ذلك قبيل سنة 1358هـ وهو العام الذي استقدم فيه الزعيم طارق الإفريقي وعين في رئاسة أركان الحرب، وعين في تشكيلات الفرق المدرعة، وهي الفرقة التي ألحقت بعد إتمام تدريبها في الحرس الملكي في الرياض.. كما ساهم في تشكيل الفرقة الأولى للفرسان، ووحد الزي العسكري والشارة العسكرية المميزة.
وصف الكاتب والمؤرخ علي مصطفى المصراتي لقاءه الأول به فقال «كان اللقاء الاول به أواخر الاربعينيات في منزل المناضل “بشير السعداوي” بحي الدقي، القاهرة وكان في صالون السعداوي مجموعة من رجالات العرب في تلك الآونة اذكر منهم البطل المجاهد عبد الكريم الخطابي واخاه الفقيه محمد الخطابي ومن اعضاء مكتب تحرير المغرب العربي الدكتور تامر التونسي مع زميليه علي الحمامي الجزائري وبن عبود المغربي وكان ايضا هناك الحبيب أبورقيبة والحاج امين الحسيني مفتي فلسطين.
وايضا اللواء صالح حرب ومنصور قدارة مدير بنك الأمة العربى وانماط اخرى من سياسيين وصحفيين، الصالون مزدحم وبشير السعداوي كعادته حلو الحديث متشعب السمر وفجأة دخل رجل رفيع القوام مرفوع الرأس، سمهري الوجه، خفيف الحركة، لماع النظرة وقام الكل في احترام يحيونة وهم أصحاب المكانة النضالية وأصحاب الماضي والخبرة».
هو طارق محمد بن عبد القادر الأفريقي ولد سنة 1886م بمدينة طرابلس التي نزحت اليها اسرته من فزان وهو من أب ليبي وأم من مسلمي نيجيريا، وقد أصيب رحمه الله سنة 1958 بشلل نصفي والذي اقعده فالفراش الي ان وافته المنية يوم الثلاثاء 15 اكتوبر 1963م ودفن بمقبرة باب صغير بدمشق.