تونس تفرض خيارها على الإتحاد الأوروبي
تونس: وضعت تونس الكرة في مرمى الإتحاد الأوروبي لإقناع صندوق النقد الدولي بالتوصل معها الى اتفاق عاجل حول القرض المؤجل ونجحت في التوصل مع المفوضية الأوروبية الى إبرام اتفاق من خمس نقاط تم الإعلان عنه بعد لقاء الرئيس قيس سعيد أمس الأحد مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته.
ورأى مراقبون محليون، أن تونس نجحت في فرض خيار الشراكة الشاملة موقفها مع الإتحاد الأوروبي في مواجهة عدد من الملفات العالقة ومنها ملف الهجرة غير الشرعية الذي تطرق له الرئيس قيس سعيد في مناسبات عدة، آخرها أول أمس السبت، عندما استبق زيارة الوفد الأوروبي بتأكيده من مدينة صفاقس أن بلاده لن تكون حارسة لحدود أي كان، وإشارته الى إن الحلّ لا يجب أن يكون على حساب الدولة التونسية.
وجاء في بيان مشترك أن الاتحاد الأوروبي وتونس توصلا إلى اتفاق على العمل سويا من أجل شراكة شاملة من شأنها تعزيز العلاقات “بطريقة تعود بالنفع على الطرفين”، وأنه “استنادا إلى تاريخنا المشترك وقربنا الجغرافي وعلاقتنا القوية، اتفقنا على العمل معا على حزمة شراكة شاملة، وتقوية الروابط التي تربطنا بطريقة مفيدة للطرفين ونعتقد أن هناك إمكانات هائلة لتوليد فوائد ملموسة للاتحاد الأوروبي وتونس”، وفق نص البيان.
ولفت البيان أن من المسائل الرئيسية للشراكة “تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وشراكة طاقية مستدامة وتنافسية والهجرة والاتصالات بين الشعوب”، وأكد أن تعزيز الحوار السياسي والإستراتيجي في مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس بحلول نهاية العام “سيوفر فرصة مهمة لتنشيط العلاقات السياسية والمؤسسية بهدف مواجهة التحديات الدولية المشتركة معًا والحفاظ على النظام القائم على القواعد”، مشيرا الى تكليف “وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج ومفوض الجوار والتوسع بإعداد مذكرة تفاهم حول حزمة الشراكة الشاملة لإقرارها من قبل تونس والاتحاد الأوروبي قبل موفى شهر يونيو”.
وعبرت رئيسة وزراء إيطاليا عن سعادتها بتوقيع الإعلان المشترك بين الإتحاد الأوروبي وتونس، وقالت في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس، إنها “خطوة أولى مهمة نحو إنشاء شراكة حقيقية بين تونس والاتحاد الأوروبي، يمكن أن تعالج بشكل متكامل كلا من أزمة الهجرة ومسألة التنمية لكلا ضفتي البحر الأبيض المتوسط”.
وتابعت ميلوني ،إنه “لدينا فرصة مهمة من الآن، وحتى نهاية الشهر، عندما ينعقد المجلس الأوروبي، ونريد مواصلة العمل الجاد للوصول إلى مذكرة تم توقيعها بالفعل بين الاتحاد الأوروبي وتونس”، مشيرة الى أن بلادها على استعداد لتنظيم المؤتمر الدولي حول الهجرة والتنمية الذي تحدثت عنه مع الرئيس سعيّد والذي سيشكل محطة أخرى على هذا الطريق، وفق تعبيرها
ومن جانبها، كشفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، إن برنامج التعاون المشترك مع تونس يتضمّن خمس نقاط أساسية تشمل تطوير الاقتصاد التونسي، ودعم التبادل التجاري والاستثمار، إضافة إلى مشاريع الطاقة النظيفة والمتجدّدة، كما يشمل دعم تواجد الطلبة والكفاءات الشابة التونسية في الفضاء الأوروبي إضافة إلى ملف الهجرة ومكافحة العصابات المنظّمة ضمن مقاربة تأخذ بعين الاعتبار حقوق الإنسان.
وقالت ديرلاين أن حضورها الى العاصمة التونسية مع القياديين الأوروبيين يبرهن على أهمية العلاقة بين الإتحاد الأوروبي وتونس، وأعربت عن استعداد الإتحاد الأوروبي لتعبئة 900 مليون يورو لمساعدة البلاد، بالإضافة الى عمله مع تونس على حزمة تنمية اقتصادية جنبا إلى جنب مع صندوق النقد الدولي ،مؤكدة إن “الاتحاد الأوروبي وتونس لا يشتركان في القرب الجغرافي فحسب وإنما أيضا في تاريخ مشترك”.
ومن جانبه ، أوضح رئيس وزراء هولندا مارك روته أن الهجرة تعد حاليا واحدة من أهم المشكلات التي تواجه الاتحاد الأوروبي ، وأشار إلى أن “هناك شعورا بالقدرة على إحراز تقدم كبير” في العلاقات مع تونس.
وفي الأثناء، بيّن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني في مقابلة مع صحيفة “لاريبوبليكا” نشرتها الأحد، أن تونس بحاجة إلى مساعدات وأن يكون نهج صندوق النقد الدولي براغماتي وغير أيديولوجي في التعامل مع حالة الطوارئ الاقتصادية”، وأبرز قبيل توجهه إلى واشنطن انه سيلتقي بنظيره الأمريكي أنطوني بلينكن ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا وسيتحدث مع كليهما عن ضرورة التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن من أجل دعم اقتصادي “تدريجي” للدولة التونسية مؤكدا أن حل مشكل الهجرة غير النظامية ممكن “فقط مع استقرار بلدان مغادرة المهاجرين”.
وشدد تاياني على الحاجة “إلى مواجهة الأزمة الاقتصادية في تونس بشكل فوري” مشيرا “لقد عملنا منذ شهور من أجل الاستقرار الاقتصادي في تونس، إذ خصص التعاون الإيطالي 100 مليون يور واليابان 76 وأعتقد أن الاتحاد الأوروبي على وشك التدخل أيضا”، معربا عن آمله “أن يدرك صندوق النقد الدولي أن هناك حاجة إلى دعم براغماتي وليس أيديولوجيا لهذه المسألة، وأن ينطلق في صرف التمويل مقابل إطلاق برنامج الإصلاحات، أي ضمان تمويل على أقساط”، مردفا إنه “يتفهم بأنه من الصعب على الحكومة التونسية قبول مطلب رفع الدعم عن الخبز خشية خطر أن يتفاقم الفقر”.